العالم ما بعد الكورونا

لا يوجد حديث اليوم في الصحف الإلكترونية او مواقع التواصل الاجتماعي او حتى المحادثات الهاتفية إلا عن كورونا، ذلك المرض السريع التفشي. حيث أعلنت الصين في ديسمبر 2019 أول إصابة بالمرض المستجد وما هي إلا بضعة ايام لنسمع بالإغلاق التام في مدينة أوهان الصينية بؤرة تفشي المرض، ليستفيق العالم بعد أيام أخر على حالات مصابة بالمرض في مدن أخرى من العالم باعتبار أن هذا العالم أصبح قرية صغيرة. تجاوزت الصين هذا الوباء باتخاذ تدابير احترازية مشددة حتى أعلنت في ال٢٠ من مارس ٢٠٢٠ السيطرة على تفشي الفيروس. إلا أن الفيروس كان قد استشرى في العالم بأسره.
تعيش دول العالم اليوم حالة من ردة الفعل على هذا الفيروس الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية وباءاً و بدأت الدول باتخاذ التدابير الاحترازية لضمان السيطرة على الفيروس و الحد من تفشيه. وقد أدهش الكثيرين حول العالم سرعة انتشار الفيروس وقوته واستعدت العديد من الدول للوقوف على طرق الوقاية من فيروس كورونا حتى أصبحت الدول في عزلة شبه تامة مع إغلاق المطارات والمنافذ وتعليق رحلات الطيران حتى حظر التجول في بعض البلدان.
والجدير بالتفكر هنا هو كيف نرى العالم بعد أزمة الكورونا؟ كأي أزمة وبائية مرت علي العالم سابقا تعد الكرونة هي الأقوى من حيث تأثيراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وعلى رأسها الصحية إلا أن التاريخ يؤكد أن هذه الأزمة ستعبر عاجلاً أم آجلاً مخلفةً ورائها العديد من التأثيرات. ولكن هل سيكون العالم بعد الكورونا كما كان عليه قبل؟ السؤال هنا يطرح نفسه حيث أن العديد من دول العالم اختبرت قدرات كانت لازالت تتحفظ علىها مثل العمل عن بعد و الإغلاق التام لبعض الأنشطة و التعليم عن بعد و غيرها. بطبيعة الحال نشطت الأبحاث و المعامل الطبية في استكشاف الفيروس و العمل على استحداث أدوية و علاجات مصادة ولكن أزمة الكورونا لن تتوقف عند حد الابتكارات الطبية. ستنتج أزمة الكرونة ابتكارات عديدة ليست في المجال الصحي فقط ولكن في مجال الأعمال أيضا حيث ستتنافس الشركات في ابتكار طرق وأساليب لأداء الأعمال لم تكن معروفة من قبل و ستصبح هذه الطرق والأساليب هي النمط الجديد في ممارسة الأعمال كما هو ستظهر منتجات وخدمات لم تكن معروفة سابقا سيتجاوز العالم أزمة كرونا ولكن سنستيقظ على عالم لم نعرفه بعد. و هذه بعض التغيرات التي ممكن أن تطرأ بعد الأزمة:
- في مجال الاقتصاد يرى المحللون أن نظام العولمة الاقتصادية و سلاسل التوريد قد يتم استبدالها بأخرى محلية و هو ما قد ينعش الاقتصادات المحلية و يكون له تأثير على الأعمال الصغيرة ولكن قد يطرأ تغيير على الأسعار نتيجة لذلك.
- كما أن العديد من الابتكارات ستظهر نتيجة للاحتياجات المحلية لمنتجات و خدمات تحل محل الخدمات التي تقدم من شركات خارجية و عالمية، هذا بالإضافة للابتكارات الأخرى التي ستبزغ كحلول لتفادي تأثيرات الأزمة.
- أما في المجال السياسي فقد تثبت دول كفاءتها في إادارة الأزمات بينما تخفق دول عالمية أخرى كانت تعتب مثالاً للقوة والسيطرة.
- ستوضح الأزمة الإدعاءات الزائفة لبعض الدول أمام مواطنيها يخص فيما حقوق الإنسان حيث أنها لم تستطيع أن تكفي أبسط احتياجات الإنسان في الأوقات الصعبة بينما تظهر دول أخرى أكثر كفاءة و رعاية للقضايا الانسانية.
- أما على صعيد التكنلوجيا فقد أختبرت الدول قدراتها و إمكانياتها التكنولوجية فالدول ذات البنية التكنلوجية القوية أستطاعت تفادي تداعيات الأزمة من خلال العمل عن بعد و التعليم عن بعد و ما شابه أما الدول التي أخفقت فإن تأثير الأزمة قد يمتد معها لسنوات قادمة.
سيسطر التاريخ العديد من القصص و الإنتصارات لدول و أمم استطاعت أن تتجاوز الأزمة و ستكتب تلك الدول المستقبل و تستشرفه بما لديها من إمكانيات و قدرات.
Tag:الكورونا